أطيب الكلام في شهر الصيام
الحلقة الأولى
إعداد / صالح علي لجوري
ينبغي للصائم في شهر رمضان وغيرة أن يكثر من الطاعات ويجتنب جميع المنهيات . ويجب عليه المحافظة على الواجبات والبعد عن المحرمات فيصلي الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة ويترك الكذب والغيبة والغش والمعاملات الربوية وكل قول أو فعل محرم
فقد روى البخاري في صحيحه
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه
ومعنى الحديث: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
" من لم يدع قول الزور والعمل به " أي من لم يترك القول الباطل والكلام المحرّم أثناء صومه من الكذب وشهادة الزور، والغيبة والنميمة والقذف والشتيمة
" والعمل به " أي ولم يترك الأعمال الباطلة من الظلم والغش والخيانة وأكل الربا وغيرها
" فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه "، أي فإن صيامه لا يكون مرضياً عنه، ولا يقبل قبولاً كاملاً، ولا يثاب عليه ثواب الصائمين الذين يوفَّون أجرهم بغير حساب، وإن كان الصوم في حد ذاته صحيحاً مسقطاً للفرض الذي عليه.
فقوله: " وليس لله حاجة " إلخ مجاز يراد به عَدمُ القبول الكامل من إطلاق السبب وإرادة المُسَبِّبِ، قال ابن المنير: هو كناية عن عدم قبول الصوم،
وقد دل هذا الحديث على ما يأتي:
أولاً: تحذير الصائم من الأقوال الباطلة والأفعال المحرمة، لأنّها تسخط الله وتنقص من ثواب الصوم فلا يجازى الصائم على صومه بغير حساب، إلاّ إذا صام عن المحرمات، أما إذا اقترفها فإنه لا يستفيد منه إلا إسقاط الفرض فقط.
ثانياً: أنه ليس الغرض من الصيام الحرمان من الطعام والشراب، بل ما يترتب عليه من تهذيب النفس، وتقويم السلوك الإِنساني، قال البيضاوي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " أي ليس المقصود من شرعية الصيام نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات، وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر قبول.
قال ابن راجب : (واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله في كل حال من الكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"اخرجه البخاري وفي حديث آخر: "ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث" وقال الحافظ أبو موسى المديني: على شرط مسلم قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الشراب والطعام وقال جابر: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر » وسر هذا: أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب.
إلى الله تعالى بترك المباحات كان بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل وإن كان صومه مجزئا عند الجمهور بحيث لا يؤمر بإعادته لأن العمل إنما يبطل بارتكاب ما نهي عنه فيه لخصوصه دون ارتكاب ما نهي عنه لغير معنى يختص به هذا هو قول جمهور العلماء
مصادر ومراجع :
فتاوى الصيام لمجموعة من علماء ومشائخ السلف الصالح تقديم الشيخ محمد المسند .
منار القاري شرح مختصر البخاري
كتاب : لطائف المعارف .
تعليقات
إرسال تعليق