زكاة الفطر حُكمُهَا .. وحِكْمَتُهَا:
زكاة الفطر حُكمُهَا .. وحِكْمَتُهَا:
-
الحلقة الخامسة : فضائل ربانية ونفحات إيمانية في الواحات الرمضانية ============
إعداد وتقديم / صالح علي لجوري
============
الحمد لله العليم الحكيم العليِّ العظيم ، خلق كل شيءٍ فقدَّره تقديرا، وأحكم شرائعه ببالغ حكمته بياناً للخلق وتبصيراً ، أحمدُه على صفاته الكاملة ، وأشكرُه على آلائِه السابغة ، وأشهدُ أنْ لا إِلٰهَ إِلاَّ الله وحده لا شريك له لهُ الملك وله الحمدُ وهو على كل شيْء قدير وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسوله البشير النذير ، صلى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم المآب والمصير وسلَّم تسليما .
إخواني أخواتي المسلمين إن شهركم الكريم شهر رمضان المبارك قد عزم على الرحيل ، ولم يبقَ منه إلا الزمن القليل ، فمن كان منكم محسناً فليحمد الله على ذلك وليسأله القبول ، ومن كان منكم مهملاً فلْيتبْ إلى الله ولْيَعْتَذِرْ من تقصيرِه فالعذرُ قبل الموت مقبولٌ .
أن الله سبحانه وتعالى شرعَ لكم في ختام شهركم هذا أنْ تؤَدُّوا زكاة الفطر قبل صلاة العيد، وسنتكلم في هذه الحلقة عن حكمها وحكمتهاومقدارها وانواع الطعام التي تخرج منه ووقت وجوبها ومصارفها ، وغير ذلك .
١- فأما حكمُها فإنها فريضةٌ فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ومافرضه هو الحق من ربه الذي يوحى إليه من الأفق الأعلى وعلمه ونفى عنه الغواية والهوى ، بقوله سبحانه وتعالى :﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ﴾(النجم :١-٧)،
وما فرضه ُ رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم أو أمر به فلهُ حكمُ ما فرضه الله تعالى أو أمر به .قال تعالى : ﴿
مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ (النساء:٨٠)،
وقال تعالى : ﴿
وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾(المساء :١١٥)،
وقال تعالى :﴿
وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾(الحشر: ٧).
و زكاة ُ الفطرهى سُنَّةٌ واجبةٌ على أعيان المسلمين ، لقول ابن عمر -رضي الله عنه - « فَرَضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر ، أو صاعاً من شعير ، على العبد والحر، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين » (١).
٢- حِكْمَتُهَا :
من حكمة زكاة الفطر : أنها تطهر نفس الصائم ممَّا يكون قد علق بها من آثار اللغو والرفث ، كما أنها تغني الفقراء والمساكين عن السؤال يوم العيد وأيام العيد ليشاركوا الأغنياء في فرحهم وسرورهم به ويكون العيد للجميع .، فقد قال ابن عباس -رضي الله عنه - « فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهْرَةٌ للصائم من اللغو والرَّفث ، وطُعمةً للمساكين » (٢).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أغنُوهُم عن السؤال في هذا اليوم » (٣).
٣- مقدارها وأنواع الطعام التي تخرج منه :
مقدار زكاة الفطر صاعٌ ، والصاع أربعةُ أمداد "حفنات" وتَخْرُجُ عن غالب قوت أهل البلد ، سواءً كان قمحاً أو شعيراً أو تمرًا أو أُرزاً أو زَبِيبًا أو إِقطاً ، لقول أبي سعيد رضي الله عنه : « كُنَّا إِذْ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نُخْرِجُ زكاة الفطر عن كل صغير وكبير ، حرً ّ أو مملوك ، صاعاً من طعامٍ ، أو صاعاً من أَقِطٍ (اللّبَنُ المجفف ) أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من زَبِيبٍ » (٤).
٤- زكاة الفطر لاتُخْرَجُ من غير الطعام :
الواجب أن تُخْرَجُ زكاة الفطر من أنواع الطعام ، ولا يُعْدَلُ عنه إلى النقود إلا لضرورة، إذ لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج بدلها نقوداً ، بل لم ينقل حتى عن الصحابة إخراجها نقوداً .
٥- وقت وجوبها ووقت إخراجها :
تجب زكاة الفطر بحلول ليلة العيد ، وأوقات إخراجها : وقت جوازٍ وهو إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين لفعل ابن عمر ذلك ، ووقت أَدَاءٍ فاضلٍ : وهو من طلوع فجر يوم العيد إلى قبيل الصلاة ، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة ، ولقول ابن عباس رضي الله عنه : « فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم : زكاة الفطر طُهرةً للصَّائِمِ من اللغو والرفث ، وطُعمةً للمساكين ، من أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مُتَقَبَّلَةٌ ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصدقات (٥).
ووقت قضاءٍ : وهو من بعد صلاة العيد فصاعداً ، فإنها تؤدَّى فيه وتُجزئُ ولكن مع كراهةٍ .
٦-مصرفها:
مصرف زكاة الفطر كمصرف الزكوات العامة ، غير أن الفقراء والمساكين أولى بها من باقي السَّهَام ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أغنُوهُم عن السؤال في هذا اليوم » (أي يوم العيد )، فلا تدفع لغير الفقراء إِلا عند انعدامهم ، أو خِفَّةِ فقرهم ، أو اشتداد حاجة غيرهم من ذوي السَّهَام .
|| تنبيهاتٌ ||
١- يجوز أن تدفع المرأةُ الغنيَّةُ زكاتها لزوجها الفقير ، والعكس لايجوز لأن نَفَقَةَ المرأة واجبةٌ على الرجل ، وليس نفقةُ الرجل واجبة على المرأة .
٢- تسقط زكاة الفطر عمَّن لا يملك قوت يومه ، إذ لا يُكَلِّفُ الله نفساً إلا وسعها .
٣- من فَضَلَ لهُ عن قوت يومه شئٌ فأخرجهُ أجزأه ، لقول الله تعالى ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ (التغابن :١٦).
٤– يجوز صرف صدقة فرد إلى متعدَّدين موزعةً عليهم ، ويجوز صرف صدقة عِدَّةِ أفرادٍ إلى فرد واحد ، إذ جاءت عن الشارع مطلقةً غير مُقيَّدةٍ .
٥– تجب زكاة الفطر على المسلم في البلد الذي هو مقيمٌ به .
٦– لايجوز نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد آخر إلا لضرورةٍ شأنُها شأن الزكاة .
جعلنا الله وإياكم من المقبولين ،والحمد لله رب العالمين .
مصادر و مراجع :
القرآن الكريم.
المنهاج ، فصل الزكاة ، للجزائري . أحكام وعبادات وآداب ومعاملات، وغيره .-مجالس شهر رمضان لأبن عثيمين رحمه الله .
- انظر كتابي الزكاة لمسلم والبحاري . الإضافات والتعديل والتلخيص : للكاتب لجوري.
(١)– رواه النسائي (٥/٤٨). (٢)– رواه ابوداود (١٦٠٩).وراه ابن ماجه وصححه الحاكم وتمامه«... فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولةٌ ، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصدقات » . (٣)- رواه البيهقي في السنن الكبرى (٤/١٧٥) - وفي كتاب الجزائري يقول ما رواه البيهقي سَنَدُهُ ضعيفٌ ، وبلفظ « عن الطواف » . (٤)– رواه البخاري (٧٦،٧٣)كتاب الزكاة ، ومسلم (١٩،١٧) كتاب الزكاة.
(٥)– سبق تخريجه والإشاره إلى مرجعه في (٢).
تعليقات
إرسال تعليق