تَقْرِيبُ فِقْهِ زَكَاةِ الفِطْرِ والاخْتِيَارَاتِ الفِقْهِيَّةِ فِي مَسَائِلِ الخِلافِ )

( تَقْرِيبُ فِقْهِ زَكَاةِ الفِطْرِ والاخْتِيَارَاتِ الفِقْهِيَّةِ فِي مَسَائِلِ الخِلافِ )

عند الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبدالله عبدالرحمن بن عمر بن مرعي العدني

تغمده الله بواسع رحمته

-----------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

نبدأ بعون الله في المقصود:-

* زكاة الفطر*

* ذكر شيخنا - رحمه الله - أن زكاة الفطر نُسِبت الزكاة إلى الفطر، لأن الفطر هو سببها ، فهي من باب إضافة الشيء إلى سببه (1).

* وذكر - رحمه الله - أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم ، صغير وكبير ، وذكر وأنثى ، وحر وعبد ، وحضري وبدوي ، كما قال ابن عمر - رضي الله عنهما - : « فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ، عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى ، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ » ؛ متفق عليه (2).

قوله : « فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ » ، فرض بمعنى أوجب و ألزم ، وهو قول عامة أهل العلم (3 ).

* واختار - رحمه الله - أن زكاة الفطر لا تجب على كافر ، سواء كان حراً أو عبداً (4) ، للزيادة الصحيحة (5) وهي قوله : « مِنَ المسلمين » (6).

* واختار - رحمه الله - أن زكاة الفطر واجبة على كل شخص - بنفسه - (7)، فالرجل تلزمه زكاة الفطر ، والزوجة تلزمها زكاة الفطر من مالها (8)، والأولاد زكاة الفطر من مالهم ، والوالدان إذا كان عندهما مال ؛ فزكاة الفطر من أموالهما .
فالرجل إذا كانت زوجته عندها القدرة ، فلو امتنع من الإخراج عنها لا يكون آثماً ، لأن الوجوب عليها ، وهكذا لو كان لأولاده مال ولو كانوا قصر ، فللأب أن يأخذ من مالهم ويخرج عنهم ، وهكذا الوالدان ، والإخوة والأخوات ، فالراجح أن المخاطب بالزكاة هو كل شخص بنفسه .

فبالنسبة للولد الصغير يخرج عنه من ماله وليه ، لأنه جاء في الحديث : « فَرَضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الفِطرِ صَاعًا مِن تَمرٍ ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ ، أو عَبدٍ ذَكَرٍ أو أُنثَى مِنَ المُسلِمِينَ - وَكَانَ الشَّعِيرُ يَومَ ذَاكَ مِن طَعَامِهِم - » ، فإذا لم تكن عندهم قدرة ، الأولاد ليس عندهم مال ، والزوجة ليس عندها مال ، الوالدان اللذان يكفلهما ليس عندهما مال ، وهو عنده القدرة على الإخراج عنهم ، فهو الذي ينفق عليهم وتلزمه النفقة ، فواجب عليه أن يخرج عنهم ، لكن ابتداءاً الوجوب على كل شخص من ماله .

* واختار - رحمه الله - أنّ من أخرج زكاة الفطرة متبرعاً عمن تلزمه نفقتهم مع قدرتهم بإذنهم فيجزئ ، لا بد أن يكون بإذنهم ، حتى إن بعض العلماء قال : إذا أخرج عنهم بغير إذنهم مع قدرتهم فلا تجزئ ، لأن الوجوب عليهم ابتداءا ، أما على قول من قال أن الوجوب عليه ابتداءاً ، فلا يحتاج إلى إذنهم ، لكن الراجح أن الوجوب عليهم ابتداءاً ، إلا إذا عجزوا فهو الذي يخرج عنهم .

* واختار - رحمه الله - أنه ليس على الحمل زكاة الفطر (9)، لأنّه لا يسمى صغيراً لا عرفاً ولا لغة ، وأما أثر عثمان بن عفان – رضي الله عنه - أنه أخرج زكاة الفطر عن الجنين فهذا لم يصح (10) .

* واختار - رحمه الله - أنّ المملوك المسلم ، زكاته على سيده (11)، لقوله : « لَيْسَ فِي الْعَبْدِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ » (12)، وأما المملوكُ الكافر فليس على سيده إخراجُ زكاة الفطر عنه ، لزيادة : « مِنَ المُسلِمِينَ » (13) .

* واختار - رحمه الله - أنّ زكاة الفطرة لا تجب على من ليس عنده شيء زائد عن قوته وقوت من ينفق عليه ليلة العيد ويوم العيد (14)، قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ ، ولا يعقل أن يذهب ويطعم الآخرين ، ويحرم أسرته ، يقول صلى الله عليه وسلم : « كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت » (15) ، وفي الحديث الآخر : « وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ » (16) .

ولا يلزمه أن يستلف ، ولا أن يخرج ذلك اليوم ويعمل حتى يكتسب قيمة زكاة الفطر .

* واختار - رحمه الله - أنّ زكاة الفطرة تجب على من كان واجداً الزائد عن قوته ، وقوت من ينفق عليهم ، ليلة العيد ويوم العيد ، وهذا قول جمهور أهل العلم (17) .

* وذكر - رحمه الله - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : « فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ؛ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ » رواه أبو داود وابن ماجه (18)، سنده حسن .

* وذكر - رحمه الله - أنّ زكاة الفطرة تخرج من الأصناف التي جاء بها النص :

« صاعًا من تمرٍ » ؛ من أي نوع من أنواع التمر .

« أو صاعًا من شعيرٍ » ، كان قوتاً ، واليوم صار في الغالب قوتاً للبهائم ، فقلَّ ما تجد من يأكل الشعير ، ومع ذلك فهو نوع مجزئ في الإخراج .

وكذلك الأقِط (19): وهو اللبن المحمض يطبخ حتى إذا ذهب ماؤه وصار عجيناً ، يؤكل ؛ إما ليناً أو يُيبس حتى يصير أقراصاً ، ذكر هذا التعريف بعض أهل العلم ، وهذا موجود عند أهل البادية ، وهذه الألبان المجففة ليست هي المعنية بالأقط فقط ( كالنيدو ، والدانو ) ، فاللبن الحامض (الحقين ) يطبخ حتى يذهب ماؤه فيصير لينا ،ً إما يؤكل ليناً أو يُيَبس .

وكذلك الزبيب أو البُرّ ، وبين العلماء خلاف في الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر على أقوال (20):

القول الأول : الاقتصار على الأصناف المذكورة بالحديث ، وهي : البر والشعير والزبيب والتمر والأقِط (21)، قالوا : هذه الأصناف نص عليها الصحابة ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما .

ولحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : « كُنَّا نُخرِجُ فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَومَ الفِطرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ » .

وَقَالَ أبُو سَعيدٍ : « وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأقِطُ وَالتَّمرُ » (22) .

القول الثاني : أنها تخرج من غالب قوت البلد (23)، سواء كان منصوص عليها أو لا ، مثل الأرز ، ومثل الدرة ، ومثل الدخن ، ومثل السمك ، ومثل اللحم ، وهو قول الجمهور من أهل العلم ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية (24)، والحافظ ابن القيم (25)، وعدد من علمائنا المحققين (26)، وحجتهم أن هذه الأصناف المنصوص عليها كانت هي قوت أهل المدينة ، فلهذا نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، والمقصود بها مواساة الفقراء والمساكين فتعطيهم ما يأكلونه في الغالب ، فهي طعمة لهم ، ولقوله تعالى : ﴿ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ﴾ ، وهذا القول قوي .

لكن الأفضل الإخراج من الأصناف المذكورة المنصوص عليها ، لكن بعض الناس ما يستفيدون من صنف معين ، فالأفضل أن يخرج الأنفع لهم من الأصناف المذكورة ، فالشعير منصوص عليه لكن غالب الناس لا يأكلون الشعير ، فيقال : الأفضل ألا تخرج الشعير ، وإن كان منصوصاً عليه ...

وقد كان شيخنا مقبل رحمه الله ونحن في دماج وهي منطقة ريفية ، وكان الناس إذا أعطوا الشعير يطعمونه البهائم ، وكان الشيخ رحمه الله يقول : " يا إخواني لا تعطوا الشعير لمن يطعم به البهائم " .

والإخراج من غالب قوت البلد والله أعلم يجزئ .

كذلك يحتاج الإنسان أن ينظر في حال من يعطيه هل ينفعه أو لا ، فبعضهم يقتات الأرز ولا ينتفع بالبر ، فيعطى الأنفع له .

* واختار - رحمه الله - أن الدقيق من الأصناف المنصوص عليها ، لأن البر إذا طحن صار دقيقاً (27) .

* وذكر- رحمه الله - أن مقدار زكاة الفطر صاع ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وفيه : « فَرَضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الفِطرِ صَاعًا مِن تَمرٍ ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ » ، وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وفيه : « كُنَّا نُخرِجُ فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَومَ الفِطرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ » ، فالواجب إخراج صاع ، ومقدار الصاع : أربع حفنات باليدين المعتدلتين المملؤتين ، كما في القاموس وغيره وكما نص عليه أهل العلم (28).

* واختار - رحمه الله - أن الأحاديث التي جاءت بأن مقدار البر بزكاة الفطر نصف صاع ، في أسانيدها مقال (29)، فالأقرب أن البر كسائر الأصناف فيه صاع (30).

* وذكر - رحمه الله - أنّه لا بأس بالزيادة على المقدار ، إذا أراد بالزائد أنه له صدقة (31).

* وذكر - رحمه الله - أنّه لا يجزئ إخراج زكاة الفطر نقوداً (32)، لقوله في الحديث : « فَرَضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الفِطرِ صَاعًا مِن تَمرٍ ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ » ، وقوله : « كُنَّا نُخرِجُ فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَومَ الفِطرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ » ، والنقود كانت موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم الدينار والدرهم ، ولم يأمر بإخراجها من النقود (33).

* واختار - رحمه الله - أنّ وقت وجوب زكاة الفطر يبدأ بغروب الشمس في آخر يوم من رمضان (34)، ونعني بوقت الوجوب من كان موجوداً بهذا الوقت فتلزمه زكاة الفطر .

فيخرج بهذا من صام رمضان إلى آخر يوم ومات في آخر يوم منه بوقت العصر ، فهذا لا تلزمه ولا يجب على أهله إخراج زكاة الفطر عنه ، لأنه قد جاء وقت الوجوب وهو غير موجود (35).

ويخرج بهذا طفل ولد بعد الغروب بعشر دقائق ، فهذا لا يلزم أن يخرج عنه زكاة الفطر ، لأنه لم يكن موجوداً عند وقت الوجوب (36).

* وذكر - رحمه الله - أنّ الوقت الفاضل لإخراج زكاة الفطر قبل الغدو إلى المصلى ، بعد صلاة الفجر من يوم العيد ، في الحديث : « أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ أنْ تُؤَدَّى قَبلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ » (37).

* واختار - رحمه الله - أنّه يجوز أن تخرج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين (38)، فَقَدْ جَاءَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : « أنَّهُمْ كَانُوا يُعطُونَ قَبلَ الفِطرِ بِيَومٍ أوْ يَومَينِ » (39) .

* واختار - رحمه الله - أنه لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد (40)، في الحديث : « أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ أنْ تُؤَدَّى قَبلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ » ، فمن تعمد تأخيرها فهو آثم ، ولا تكون زكاة فطر بل صدقة من الصدقات ، وفي الحديث : « مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ » (41).

بعضهم يخرجونها إلى أُناس معينين وقد يكونون بعيدين ، فلابد من التنسيق معهم ، حتى يستلموها بوقتها ، أو يستلمها الوكلاء ، وإذا لم يجد من يريد أن يدفعها إليه أو وكيله لسفره أو بعده فيدفعها إلى غيره ولا يجوز أن يبقيها له إلى أن يرجع بعد العيد .

* وذكر - رحمه الله - أنّ من استقبل زكاة الفطر لتوزيعها واجب عليه أن يوزعها قبل صلاة العيد ولا يتساهل .

*وذكر - رحمه الله - أنّ من استعجل في الذهاب للمصلى ونسي إخراجها فلا حرج عليها ، ويخرجها بعد صلاة العيد ، لقوله تعالى : ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ .

ولحديث « إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ » (42).
ومن تعمد تأخيرها إلى بعد صلاة العيد فهو آثم عليه أن يتوب ويستغفر ، وأن يخرجها ، لأنها زكاة واجبة ، وتكون صدقة من الصدقات مع الإثم (43).

* وذكر - رحمه الله - أنّ الحكمة من زكاة الفطر جاء منصوص عليه في الحديث : « طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ » ، وشرعت لأجل شكر الله على نعمة إتمام الصوم .

* وذكر - رحمه الله - أنّ مصرف زكاة الفطر الفقراء والمساكين (44)، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما : « وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ » .

----

(1) قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَر رحمه الله في " فتح الباري " :

" أُضِيفَت الصَّدَقَةُ للفِطْرِ ؛ لِكَونِهَا تَجِبُ بِالفِطْرِ مِن رَمَضَانَ . " اهـ .

وقد شُرِعَتْ في السنةِ الثانيةِ مِنْ الهجرةِ ، كما نصّ عليه الحافظ ابن كثير رحمه الله في " البداية والنهاية " ، فقال : " وفيها فرضت الزكاة ذات النُّصُب ، وفرضت زكاة الفطر . " اهـ .

(2) أخرجه البخاريُّ ، ومسلمٌ ، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما .

(3) نُقل على فرضيتها الإجماع ، كما في " الإجماع " لابن المنذر ، وغيره .
وقد قيل عن بعضهم أنها سنة مؤكدة ، كما في " المغني " لابن قدامة ، و" الكافي " لابن عبدالبر ، و" المحلى بالآثار " لابن حزم ، و" بداية المجتهد " لابن رشد .

وقد نازع الحنفية في تمسيتها فرضاً ، لكون الفرض عندهم ما ثبت بدليل قطعي ، وهي مسألة مشهورة في كتب أصول الفقه ، والجمهور على تسميتها بالفرض ، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في " المغني " :

" وقال بعض أصحابنا : وهل تُسمَّى فرضًا مع القول بوجوبها؟ على روايتين ، والصحيحُ أنها فرض ؛ لقولِ ابنِ عمر -رضي اللهُ عنهما - : « فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ » ، ولإجماعِ العلماءِ على أنها فرض ، ولأنَّ الفرض إِنْ كان الواجبَ فهي واجبةٌ ، وإِنْ كان الواجبَ المُتأكِّدَ فهي مُتأكِّدةٌ مُجمَعٌ عليها . " اهـ . وانظر : " المجموع " للنووي .

(4) قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في " المغني " : " ولا تجب على كافر حرا كان أو عبداً ، ولا نعلم بينهم خلافاً في الحر البالغ .

وقال إمامنا - أي أحمد - ، ومالك ، والشافعي ، وأبو ثور : لا تجب على العبد أيضا ، ولا على الصغير .

ويروى عن عمر بن عبد العزيز ، وعطاء ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والنخعي ، والثوري ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي ، أن على السيد المسلم أن يخرج الفطرة عن عبده الذمي ، وقال أبو حنيفة : يخرج عن ابنه الصغير إذا ارتد .. " اهـ المراد .
وما ذهب إليه شيخنا هو الصحيح ، للزيادة ، وأما ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أدوا صدقة الفطر عن كل صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، يهودي أو نصراني ، حر أو مملوك : نصف صاع ، أو صاعا من تمر ، أو شعير » أخرجه الدارقطني في " سننه " ، عن سَلام الطَّوِيل ، عَن زيد الْعمي ، عَن عِكْرِمَة ، عَن ابْن عَبَّاس به ، وقال الدارقطني : " سلام الطويل متروك الحديث ولم يسنده غيره . " اهـ .

قال المحدث جمال الدين الزيلعي في " نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية " :
" ومن طريق الدارقطني ، رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " ، وقال : زيادة اليهودي والنصراني فيه موضوعة ، انفرد بها سلام الطويل ، وكأنه تعمدها ، وأغلظ فيه القول عن النسائي ، وابن معين ، وابن حبان ، وقال في " التحقيق " : قال ابن معين : لا يكتب حديثه ، وضعفه ابن المديني جدا ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال ابن حبان : يروي عن الثقات الموضوعات ، كأنه كان المتعمد بها . انتهى . " اهـ .

(5) متفق عليها .

(6) كما اتَّفقَ العُلَماءُ على أنه لا يُخْرِجُ عن زوجته الكافرةِ مع أنَّ نفقتها تَلْزَمُه . انظر : " فتح الباري " لابن حجر.

(7) وهذا قول جماعة من السلف ، واختاره الإمام ابن حزم ، والعلامة ابن عثيمين . انظر: " المحلى بالآثار " لابن حزم ، و" فتح الباري " لابن حجر ، و" الشرح الممتع " لابن عثيمين .

(8) جمهور أهل العلم وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق على أن زكاة الفطر على الزوج ، وخالف أبو حنيفة وجماعة فقالوا : لا تجب عليه ، بل عليها . انظر : " المغني " لابن قدامة .

(9) نص الإمام ابن قدامة في " المغني " على أن القول بعدم وجوبها على الجنين هو قول أكثر أهل العلم ، وقال : " قال ابن المنذر : كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار لا يوجبون على الرجل زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه . " اهـ .

ثم قال : " وعن أحمد ، رواية أخرى أنها تجب عليه ; لأنه آدمي ، تصح الوصية له ، وبه ويرث فيدخل في عموم الأخبار ، ويقاس على المولود .

ولنا أنه جنين فلم تتعلق الزكاة به ، كأجنة البهائم ولأنه لم تثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث والوصية ، بشرط أن يخرج حيا . إذا ثبت هذا فإنه يستحب إخراجها عنه ; لأن عثمان كان يخرجها عنه ، ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه ، فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع . " اهـ .

(10) أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ، و ابنُ حزم في " المحلَّى " ، وضعَّفّه المحدث الألبانيُّ رحمه الله في " إرواء الغليل ".

والإمام ابن حزم رحمه الله يرى أنّ الحمل إذا أكمل مائة وعشرين يوما في بطن أمه قبل انصداع الفجر من ليلة الفطر وجب أن تؤدى عنه صدقة الفطر ، كما في " المحلى " ، والله أعلم .

(11) وعلى هذا جماهير العلماء ، واختاره الإمام ابن حزم ، والعلامة ابن عثيمين ، وخالف داود الظاهري . انظر : " المجموع " للنووي ، و " المحلى بالآثار " لابن حزم .

(12) أخرجه مسلمٌ ، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه .

(13) كما تقدم ، وعليه الجمهور من أهل العلم ، وقد ذكر العلماء مسائل أخرى متعلقة بهذا الموضوع كالعبد المسلم يكون في ملك السيد الكافر ، فعلى الراجح وهو قول جمهور أهل العلم أن زكاة الفطر لا تجب عليه ، لزيادة : « مِنَ المُسلِمِينَ » . انظر : " المغني " لابن قدامة .

(14) في المجموع للنووي : " قال ابن المنذر : وأجمعوا على أن من لا شيء له فلا فطرة عليه " .

وهذا مذهب أكثر أهل العلم أن من لا يملك قوتاً فاضلاً عن قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويوم العيد فلا شيء عليه . انظر : " المجموع " للنووي ، و" المغني " لابن قدامة ، و" بداية المجتهد " لابن رشد ، و" حاشية الروض المربع " لابن قاسم .

(15) عن وهب قال : إن مولى لعبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - ، قال له : إني أريد أن أقيم هذا الشهر هاهنا ببيت المقدس ، فقال له : تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر ؟ قال : لا ، قال : فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت » رواه أحمد وأبو داود .

وأصله في مسلم بلفظ : « كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته » .

(16) أخرجه البخاريُّ مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

وأخرجه مسلم بلفظ : « أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَوْ خَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ » ؛ مِنْ حديثِ حكيمِ بنِ حِزامٍ رضي الله عنه .
وفي رواية عند أحمد : فقيل : من أعول يا رسول الله ؟ قال : « امرأتك ممن تعول » .

(17) وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وجماعة من الأئمة ، وخالف أبو حنيفة ، والله أعلم .

(18) أخرجه أبو داود ، وابن ماجه ، مِنْ حديث ابنِ عبَّاس رضي الله عنهما ، وصحَّحه المحدث الألبانيُّ في " صحيح الجامع " .

(19) هو لبنٌ مُجفَّفٌ يابسٌ مُسْتحجِرٌ يُطْبَخُ به . انظر : " النهاية " لابن الأثير.
وهو يجزئ كما في رواية عن أحمد ، ومذهب بعض الشافعية ، وعند مالك ، والشافعي في أحد قوليه ؛ إذا كان من غالب القوت ، واختاره العلامة الشوكاني ، والنص كافٍ في حسم النزاع ، والله أعلم .

(20) في المسألة أقوال ، وما ذكره شيخنا أقوى الأقوال .

(21) وهو مذهب الحنابلة ، قال ابن قدامة في " المغني " : " ومن قدر على التمر ، أو الزبيب ، أو البر ، أو الشعير ، أو الأقط فأخرج غيره لم يجزه ظاهر المذهب أنه لا يجوز له العدول عن هذه الأصناف ، مع القدرة عليها سواء كان المعدول إليه قوت بلده أو لم يكن . " اهـ .

(22) رواه البخاري في صحيحه .

(23) وهذا مذهب المالكية ، والشافعية في الجملة ، واختاره العلامة ابن عثيمين ، والإمام ابن باز .

(24) قال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" : " أَمَّا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَقْتَاتُونَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ جَازَ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِمْ بِلَا رَيْبٍ .

وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مَا يَقْتَاتُونَ مِنْ غَيْرِهَا ؟ مِثْلُ أَنْ يَكُونُوا يَقْتَاتُونَ الْأُرْزَ وَالذرة فَهَلْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُخْرِجُوا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ يُجْزِئُهُمْ الْأُرْزُ وَالذُّرَةُ ؟

فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ ، وأصح الأقوال : أنه يُخْرِجُ مَا يَقْتَاتُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ : كَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْمُواساة لِلْفُقَرَاءِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ﴿ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ﴾ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قُوتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا لَيْسَ قُوتَهُمْ بَلْ يَقْتَاتُونَ غَيْرَهُ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مِمَّا لَا يَقْتَاتُونَهُ ، كَمَا لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي الْكَفَّارَاتِ " اهـ بتصرف .

(25) قال العلامة ابن القيم رحمه الله في " إعلام الموقعين " : " وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب ، فإن كان قوتهم من غير الحبوب ، كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ما كان ، هذا قول جمهور العلماء ، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره ، إذ المقصود سد حاجة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم ، وعلى هذا فيجزئ إخراج الدقيق وإن لم يصح فيه الحديث . ". اهـ

(26) كالعلامة ابن عثيمين ، والإمام ابن باز وغيرهما .

(27) وهذا مذهب أحمد وجماعة ، وخالف مالك والشافعي . انظر : " المغني " لابن قدامة .

فائدة :

أما ما جاء في بعض الروايات : « أو صاعا من دقيق » ؛ فهو وهم ، قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " :

" وأن ابن عيينة حدث به عن ابن عجلان ، عن عياض ، فزاد فيه : « أو صاعا من دقيق » .

وأنهم أنكروا عليه فتركه ، قال أبو داود : وذكر الدقيق وهم من ابن عيينة . " اهـ .

(28) الصاع : مكيالُ أهل المدينة ، يَسَعُ أربعةَ أمدادٍ ، والمُدُّ : ربعُ الصاعِ ، وهو حفنةُ الرجلِ المُعْتدِل باليدين ، وسُمِّي مُدًّا لأن اليدين تُمَدَّان . انظر : " النهاية " لابن الأثير ، و" لسان العرب " لابن منظور .

(29) وهذا مذهب أبو حنيفة ، واختاره أبو عُبَيد القاسم بن سلام ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وظاهر كلام تلميذه ابن القيم ، وقوَّاه ابن عبدالهادي ، والشوكاني ، والألباني ، وأصح ما استدلوا به ما جاء في مسند أحمد وشرح معاني الآثار للطحاوي ، ومصنف ابن أبي شيبة ، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت : « كُنا نُؤدي زكاة الفِطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مُدَّين مِن قمْح بالمدِّ الذي تُقتاتون به » ، وقد صححه المحدث الألباني رحمه الله في " تمام المنة " ، والعلامة ابن القيم رحمه الله في " زاد المعاد " وقال : " وفيه عن النبي صلى الله عليه وسلم آثارٌ مُرسَلة ومسنَدة يُقوِّي بعضُها بعضًا . " اهـ .

وقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كما في " الأموال " لأبي أحمد حميد بن زنجويه ، و" شرح معاني الآثار " للطحاوي ، وهو حسن .

وثبت عن عثمان بن عفان رضي الله عنه ، كما في " الأموال " لأبي أحمد حميد بن زنجويه ، و" شرح معاني الآثار " للطحاوي ، و" مصنف ابن أبي شيبة " ، وهو صحيح .

وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه ، كما في " مصنف عبدالرزاق " وهو صحيح .

وثبت عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما ، كما في " الأموال " لأبي أحمد حميد بن زنجويه ، و" مصنف عبدالرزاق " ، و" مصنف ابن أبي شيبة " ، وهو صحيح .

وثبت عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ، كما في " مصنف عبدالرزاق " ، وهو صحيح .

وهذا القول قوي جداً .

(30) وهذا مذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وغيرهم ، واختاره العلامة ابن عثيمين ، والإمام ابن باز .

(31) جاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما نصه :

" وسئل رحمه الله عمن عليه زكاة الفطر ؟ ويعلم أنها صاع ويزيد عليه ويقول هو نافلة هل يكره ؟ فأجاب : الحمد لله ، نعم يجوز بلا كراهية عند أكثر العلماء ; كالشافعي وأحمد وغيرهما ، وإنما تنقل كراهيته عن مالك .

وأما النقص عن الواجب فلا يجوز باتفاق العلماء لكن هل الواجب صاع ؟ أو نصف صاع ؟ أو أكثر ؟ فيه قولان والله أعلم . " اهـ .

(32) وهو مذهب الجمهور ، من المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، والظاهرية ، واختاره الإمام ابن باز ، والعلامة ابن عثيمين ، قال الإمام النوويُّ رحمه الله في " شرح صحيح مسلم " : " ولم يُجِزْ عامَّةُ الفُقَهاءِ إخراجَ القيمةِ وأجازَهُ أبو حنيفة . " اهـ المراد .

(33) والمتقرر عند أهل العلم أنَّه لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ .

(34) وبه قال الجمهورُ مِنَ الحنابلة ، والمالكية على القول الآخَر ، وهو المشهورُ عند الشافعية .

والحنفيةُ ، والمالكيةُ في قولٍ ، ورواية عن الشافعيِّ في القديم ، على أنَّ بداية وقت الوجوب هو طلوعُ فجر يوم العيد .

(35) فلو مات بعد المغرب ، فيلزم إخراج الزكاة ، على قول الجمهور من أهل العلم ، لأنه كان من أهلها ، وأما على مذهب الحنفية ، والمالكية على قولٍ ، ورواية عن الشافعيِّ فلا يلزم لأنه لم يكن موجوداً وقت وجوبها .

(36) وهذا على مذهب الجمهور ، وكذلك من أسلم بعد الغروب ، أو ملك عبداً ، أو أيسر مالاً ، فلا تجب عليه الزكاة ؛ لأنه ليس من أهلها وقت وجوبها ، وأما على مذهب الحنفية والمالكية على قول ، ورواية عن الشافعي فتجب عليه الزكاة .

(37) أخرجه البخاري في صحيحه ، ومسلم في صحيحه .

(38) وهو مذهب المالكية والحنابلة ، ولا يجوز أكثر من يوم أو يومين ، وهو أصح الأقوال .

لحديثُ نافعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ : « أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ، وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ يُؤَدِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ » ؛ أخرجه ابنُ حبَّان في صحيحه ، والبيهقيُّ في " السنن الكبرى " . انظر : " الإرواء " للمحدّث الألباني .

وحديثُ نافعٍ عن ابنِ عمر رضي الله عنهما ، وفيه : « .. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا ، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ » ؛ أخرجه البخاريُّ منْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما .

انظر : " الترجيح في مسائل الصوم والزكاة " للشيخ محمد بازمول حفظه الله .

(39) أخرجه البخاري في صحيحه .

(40) وهذا مذهب داود الظاهري ، والإمام ابن حزم ، واختاره العلامة الشوكاني ، والعلامة ابن عثيمين ، والإمام ابن باز ، خلافاً للجمهور الذين ذهبوا إلى أنها تجزئ بعد الصلاة ولا إثم على من أخرها إلى بعد الصلاة ، مع كونه خلاف الأفضل .

ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد فيوم العيد هو وقتها ، وعليه الجمهور مِنَ المالكية والشافعية والحنابلة وبعضِ الحنفية .

(41) قال العلامة ابنُ القيِّم رحمه الله في كتابه " زاد المعاد ": " ومقتضى هذين الحديثَيْن - حديث ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم - أنه لا يجوز تأخيرُها عن صلاة العيد ، وأنها تَفُوتُ بالفراغ مِنَ الصلاة ، وهذا هو الصوابُ ؛ فإنه لا مُعارِضَ لهذين الحديثين ولا ناسِخَ ، ولا إجماعَ يدفع القولَ بهما ، وكان شيخُنا – يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - يُقوِّي ذلك وينصره .

ونظيرُه ترتيبُ الأضحيةِ على صلاة الإمامِ لا على وقتِها ، وأنَّ مَنْ ذَبَحَ قبل صلاة الإمام لم تكن ذبيحتُه أضحيةً بل شاةَ لحمٍ ، وهذا ـ أيضًا ـ هو الصوابُ في المسألة الأخرى ، وهذا هَدْيُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الموضعين . " اهـ .

(42) أخرجه ابنُ ماجه في سننه مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما ، وصحَّحه المحدث الألبانيُّ رحمه الله في " الإرواء " .

(43) زكاةُ الفطرِ لا تسقط بفواتِ وقتِها على الصحيحِ وهو مذهبُ الجمهورِ ، واختاره الإمامُ ابن حزم ، والإمام ابن باز ؛ لأنها حقُّ العبدِ ، تَعَلَّقَ بذمَّةِ مَنْ وجبَتْ عليه لمُستَحِقِّه ؛ فهي دَيْنٌ لهم لا يسقط إلا بالوفاء به .

أما حقُّ الله فيكفره توبةُ العبدِ واستغفارُه ، والله المستعان . وقد خالفَ في ذلكَ الحسنُ بنُ زيادٍ مِنَ الحنفيةِ ، وبعضُ الشافعيةِ ، وداودُ .

انظر : " المجموع " للنووي ، و" المغني " لابن قدامة ، و" بدائع الصنائع " للكاساني .

(44) فهي خاصة بهم على الصحيح ، ولا تصرف إلا لهم ، وليست للثمانية الأصناف ، وهذا مذهبُ المالكيةِ ، والحنابلةِ على قولٍ ، واختارَهُ شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه العلامة ابن القيم ، والعلامة الشوكاني ، والعلامة ابن عثيمين ، والظاهر من الكلام الشيخ عبدالعزيز بن باز ، ولحديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما ، وفيه : « وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ » .

----
أخوكم / أبو عزام عبدالمحسن بن عزام الرملي الأيوبي.

تم الفراغ منه في ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من شهر رمضان عام أربعين وأربعمائة وألف من الهجرة .

#عبدالرحمن_بن_مرعي_العدني

سامحونا الرسالة طويلة لكنها مفيده جدا
الله يجزيكم الخير والعافية ورحم الله شيخنا الفاضل   عبدالرحمن العدني رحمه واسعة وغفر الله لمن اقتفى أثره ونشر عنه   وخواتم مباركة اخوكم ابوالخطابتتتت 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المعذرة.. لم أعلم أنهم أصحاب سوابق!!

أسر فقدت عائلها .. وقصف طال المنازل والمدارس والأسواق العامة في يافع

أبن السلطان وأبنة ملك الجان